فصل: خاتمة للاستدلال:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: غاية الوصول إلى شرح لب الأصول



.(مسألة الأصح أن الإلهام وهو) لغة إيقاع شيء في القلب (يطمئن له الصدر يخص به الله) تعالى (بعض أصفيائه غير حجة) إن ظهر (من غير معصوم):

لعدم الثقة بخواطره لأنه لا يأمن دسيسة الشيطان فيها. وقيل هو حجة في حقه فقط وقيل لأدلة لا تجدي، أما من المعصوم كالنبيّ صلى الله عليه وسلّم فهو حجة في حقه وحق غيره إذا تعلق بهم كالوحي.

.خاتمة للاستدلال:

(مبنى الفقه على) أربعة أمور، وإن لم يرجع أكثره إليها إلا بتكلف. (أن اليقين لا يرفع) من حيث استصحاب حكمه (بالشك)، بمعنى مطلق التردد، ومن مسائله من تيقن الطهر وشك في الحدث يأخذ بالطهر، (و) أن (الضرر يزال) وجوبا، ومن مسائله وجوب ردّ المغصوب وضمانه بالتلف. (و) أن (المشقة تجلب التيسير)، ومن مسائله جواز القصر والجمع والفطر في السفر بشرطه. (و) أن (العادة محكمة) بفتح الكاف المشددة، أي المعمول بها شرعا، ومن مسائله أقل الحيض وأكثره، وزاد بعضهم على الأربعة أن الأمور بمقاصدها، ومن مسائله وجوب النية في الطهر، ورجعه صاحب الأصل في قواعده إلى الأول، فإن الشيء إذا لم يقصد اليقين عدم حصوله.

.الكتاب السادس في التعادل والتراجيح:

بين الأدلة عند تعارضها وسيأتي بيانهما، (يمتنع تعادل قاطعين) أي تقابلهما بأن يدل كل منهما على منافي ما يدل عليه الآخر إذ لو جاز ذلك لثبت مدلولهما، فيجتمع المتنافيات فلا وجود لقاطعين متنافيين عقليين أو نقليين أو عقلي ونقلي، والكلام في النقليين حيث لا نسخ كما يعلم مما سيأتي. (لا) تعادل (قطعي وظني نقليين). فلا يمتنع لبقاء دلالتيهما، وإن انتفى الظن عند القطع بالنقيض لتقدم القطعي حينئذ، وخرج بالنقليين غيرهما، كأن ظن أن زيدا في الدار لكون مركبه وخدمه ببابها ثم شوهد خارجها، فيمتنع تعادلهما لانتفاء دلالة الظني حينئذ، وعليه يحمل قول ابن الحاجب لا تعارض بين قطعي وظني. (وكذا أمارتان) لا يمتنع تعادلهما ولو بلا مرجح لإحداهما. (في الواقع في الأصح) إذ لو امتنع لكان لدليل والأصل عدمه، وهذا ما عليه ابن الحاجب تبعا للجمهور، وإن لم يصرحوا بقيد الواقع، وقيل يمتنع بلا مرجح ورجحه الأصل حذرا من التعارض في كلام الشارع، وأجاب الأول بأنه لا محذور في ذلك، أما تعارضهما في ذهن المجتهد فواقع قطعا وهو منشأ تردّده، وعلى الأول (فإن تعادلتا) ولا مرجح (فالمختار التساقط)، كما في تعارض البينتين، وقيل يخير بينهما في العمل، وقيل يوقف عن العمل بواحدة منهما، وقيل يخير بينهما في الواجبات ويتساقطان في غيرها، والترجيح من زيادتي. (وإن نقل عن مجتهد قولان فإن تعاقبا فالمتأخر) منهما (قوله) المستمر والمتقدم مرجوع عنه. (وإلا) أي وإن لم يتعاقبا بأن قالهما معا، (فما) أي فقوله المستمر منهما ما (ذكر فيه) المجتهد (مشعرا بترجيحه) على الآخر كقوله هذا أشبه وكتفريعه عليه، (وإلا) أي وإن لم يذكر ذلك (فهو متردّد) بينهما فلا ينسب إليه ترجيح أحدهما، وفي معنى ذلك ما لو جهل تعاقبهما أو علم وجهل المتأخر أو نسي. (ووقع) هذا التردد (للشافعي) رضي الله عنه (في بضعة عشر مكانا) ستة عشر أو سبعة عشر، كما تردد فيه القاضي أبو حامد المروروذي.
(ثم قيل) أي قال الشيخ أبو حامد الإسفراييني في ترجيح أحد قولي الشافعي المتردد بينهما. (مخالف أبي حنيفة) منهما (أرجح من موافقة)، فإن الشافعي إما خالفه لدليل. (وقيل عكسه) أي موافقه أرجح وهو قول القفال، وصححه النووي لقوّته بتعدد قائله، وردّ بأن القوة إنما تنشأ من الدليل فلذلك قلت كالأصل. (والأصح الترجيح بالنظر) فما اقتضى ترجيحه منهما فهو الراجح، (فإن وقف) عن الترجيح (فالوقف) عن الحكم برجحان واحد منهما، (وإن لم يعرف للمجتهد قول في مسألة لكن) يعرف له قول (في نظيرها فهو) أي قوله في نظيرها. (قوله المخرج فيها في الأصحّ) أي خرجه الأصحاب فيها إلحاقا لها بنظيرها، وقيل ليس قولًا له فيها لاحتمال أن يذكر فرقا بين المسألتين لو روجع في ذلك. (والأصح) على الأول (لا ينسب) القول فيها (إليه مطلقا بل) ينسب إليه (مقيدا) بأنه مخرج حتى لا يلتبس بالمنصوص، وقيل لا حاجة إلى تقييده لأنه جعل قوله (ومن معارضة نصّ آخر للنظير) أي لنصّ في نظير المسألة (تنشأ الطرق) وهي اختلاف الأصحاب في نقل المذهب في المسألتين، فمنهم من يقرّر النصين فيهما، ويفرق بينهما، ومنهم من يخرج نص كل منهما في الأخرى فيحكي في كل قولين منصوصا ومخرجا، وعلى هذا فتارة يرجح في كل منهما نصها ويفرق بينهما، وتارة يرجح في أحدهما نصها، وفي الأخرى المخرج، ويذكر ما يرجحه على نصها.
(والترجيح تقوية أحد الدليلين) بوجه من وجه الترجيح الآتي بعضها، فيكون راجحا وتعبيري بالدليلين أولى من تعبيره بالطريقين. (والعمل بالراجح واجب). وبالمرجوح ممتنع سواء أكان الرجحان قطعيا أم ظنيا (في الأصح). وقيل لا يجب إن كان الرجحان ظنيا فلا يعمل بواحد منهما لفقد المرجح القطعي، وقيل يخير بينهما في العمل إن كان الرجحان ظنيا. (ولا ترجيح في القطعيات). إذ لا تعارض بينها، وإلا لاجتمع المتنافيان كما مر، وكذا لا ترجيح في القطعي مع الظني غير النقليين أخذا مما مر (والمتأخر) من النصين المتعارضين (ناسخ) للمتقدم منهما إن قبلا النسخ آيتين كانا أو خبرين أو آية وخبرا. (وإن نقل) المتأخر (بالآحاد)، فإنه ناسخ فيعمل به لأن دوامه بأن لا يعارض مظنون، ولبعضهم احتمال بالمنع، لأن الجواز يؤدي إلى إسقاط المتواتر بالآحاد في بعض الصور. (والأصحّ أن العمل بالمتعارضين ولو من وجه) أو كان أحدهما سنة والآخر كتابا. (أولى من إلغاء أحدهما) بترجيح الآخر عليه، وقيل لا فيصار إلى الترجيح مثاله خبر: «أيما إهاب دبغ فقد طهر» مع خبر: «لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب» الشامل للإهاب المدبوغ وغيره، فحملناه على غير المدبوغ الخاص به عند كثير جمعا بين الدليلين، وتقدم بيان بسط الحمل في آخر مبحث التخصيص (و) الأصح (أنه لا يقدم) في ذلك (الكتاب على السنة ولا عكسه) أي ولا السنة على الكتاب، وقيل يقدم الكتاب لخبر معاذ المشتمل على أنه يقضي كتاب الله، فإن لم يجد فبسنة رسول الله ورضي رسول الله بذلك، وقيل يقدم السنة لقوله تعالى: {لتبين للناس} مثاله قوله صلى الله عليه وسلّم في البحر: «هو الطهور ماؤه الحل ميتته» مع قوله تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي إليّ محرما} إلى قوله: {أو لحم خنزير} وكل منهما يشمل خنزير البحر، فحملنا الآية على خنزير البر المتبادر إلى الأذهان جمعا بين الدليلين. (فإن تعذر العمل) بالمتعارضين بأن لم يمكن بينهما جمع، (فإن علم المتأخر) منهما في الواقع ولم ينس (فناسخ) للمتقدم منهما، (وإلا) أي وإن لم يعلم ذلك بأن تقارنا أو جهل التأخر أو المتأخر أو علم ونسي. (رجع إلى مرجح فإن تعذر فإن لم يتقارنا وقبلا النسخ طلب) الناظر (غيرهما) لتعذر العمل بواحد منهما، فإن لم يجد غيرهما توقف، (وإلا) بأن تقارنا ولم يقبلا النسخ (يخير) الناظر بينهما في العمل (إن تعذر الترجيح)، فإن لم يتعذر طلب مرجحا والتقييد بقبول النسخ في صورتي جهل المتأخر ونسيانه من زيادتي.

.(مسألة يرجح بكثرة الأدلة وبكثرة الرواة في الأصح):

لأن كثرة كل منهما تفيد القوة، وقيل لا كالبينتين، وفرق بأن مقصود الشهادة فصل الخصومة لئلا تطول فضبطت بنصاب خاص بخلاف الدليل، فإن مقصوده ظن الحكم والمجتهد في مهلة النظر، وكلما كان الظن أقوى كان اعتباره أولى. (وبعلو الإسناد) في الإخبار أي قلة الوسائط بين الراوي للمجتهد، وبين النبيّ صلى الله عليه وسلّم (وفقه الراوي ولغته ونحوه) لقلة احتمال الخطأ مع واحد من الأربعة بالنسبة إلى مقابلاتها. (وورعه وضبطه وفطنته وإن روى) الخبر (المرجوح باللفظ) والراجح بواحد مما ذكر بالمعنى (ويقظته وعدم بدعته وشهرة عدالته) لشدة الوثوق به مع واحد من الستة بالنسبة إلى مقابلاتها. (وكونه مزكى بالاختبار) من المجتهد، فيرجح على المزكى عنده بالإخبار لأن العيان أقوى من الخبر. (أو) كونه (أكثر مزكين ومعروف النسب قيل ومشهوره) لشدة الوثوق به والشهرة زيادة في المعرفة. والأصح لا ترجيح بها. وقال الزركشي الأقوى الأول لأن من ليس مشهور النسب قد يشاركه ضعيف في الاسم، (وصريح التزكية على الحكم بشهادته والعمل بروايته)، فيرجح خبر من صرّح بتزكيته على خبر من حكم بشهادته، وخبر من عمل بروايته في الجملة، لأن الحكم والعمل قد يبنيان على الظاهر بلا تزكية. (وحفظ المروي) فيرجح مروي الحافظ له على مروي غيره الراوي له بنحو تلقين لاعتناء الأول بمرويه. (وذكر السبب) فيرجح الخبر المشتمل على سببه على ما لم يشتمل عليه لاهتمام راوي الأول به، ومحله في الخاصين بقرينة ما يأتي في العامين. (والتعويل على الحفظ دون الكتابة)، فيرجح خبر المعوّل على الحفظ فيما يرويه على خبر المعوّل على الكتابة لاحتمال أن يزاد في كتابه أو ينص منه، واحتمال النسيان والاشتباه في الحافظ كالعدم. (وظهور طريق روايته)، كالسماع بالنسبة إلى الإجازة، فيرجح المسموع على المجاز، وقد مرّ بيان طرق الرواية ومراتبها آخر الكتاب الثاني. (وسماعه بلا حجاب) ويرجح المسموع بلا حجاب على المسموع من وراء حجاب لأمن الأول من تطرق الخلل في الثاني. (وكونه ذكرا وحرا في الأصح) فيهما فيرجح خبر كل منهما على خبر غيره، لأن الذكر أضبط من غيره في الجملة والحر لشرف منصبه يحترز عما لا يحترز عنه غيره، وقيل يرجح خبر الذكر في غير أحكام النساء بخلاف أحكامهنّ، لأنهنّ أضبط فيها، وقيل لا ترجيح بالذكورية ولا بالحرية، وصوّبه الزركشي في الأولى والبرماوي فيهما. ونقلاه عن ابن السمعاني فيهما، ونقلا عن غيره الاتفاق عليه في الأولى وذكر الخلاف في الثانية من زيادتي. (و) كونه (من أكابر الصحابة) أي رؤسائهم فيرجح خبر أحدهم على خبر غيره لشدة ديانتهم وقربهم مجلسا من النبي صلى الله عليه وسلّم، (و) كونه (متأخر الإسلام) فيرجح خبره على خبر متقدم الإسلام، (في الأصح) لظهور تأخر خبره، وقيل عكسه لأن متقدم الإسلام لأصالته فيه أشد تحرزا من متأخره. (و) كونه (متحملًا بعد التكليف). ولو حال الكفر لأنه أضبط من المتحمل قبل التكليف. (وغير مدلس)، لأن الوثوق به أقوى منه بالمدلس المقبول، وتقدم بيانه في الكتاب الثاني. (وغير ذي اسمين) لأن صاحبهما يتطرق إليه الخلل بأن يشاركه ضعيف في أحدهما. (ومباشرا) لمرويه (وصاحب الواقعة) المروية، لأن كلًّا منهما أعرف بالحال من غيره، فالأوّل كخبر الترمذي عن أبي رافع: أنه صلى الله عليه وسلّم تزوج ميمونة حلالًا قال: وكنت الرسول بينهما مع خبر الصحيحين عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلّم تزوّج ميمونة وهو محرم. والثاني كخبر أبي داود عن ميمونة تزوّجني النبيّ صلى الله عليه وسلّم ونحن حلالان بسرف مع خبر ابن عباس المذكور. (وراويا باللفظ) لسلامة المروي باللفظ من تطرق الخلل في المروي بالمعنى، (و) كون الخبر (لم ينكره) الراوي (الأصل)، فيرجح خبر الفرع الذي لم ينكره أصله بأن قال ما رويته لأن الظن الحاصل من الأول أقوى، وتعبيري بما ذكر أوضح من قوله ولم ينكره راوي الأصل.
(و) كونه (في الصحيحين) أو في أحدهما، لأنه أقوى من الصحيح في غيرهما، وإن كان على شرطهما لتلقي الأمة لهما بالقبول. (والقول فالفعل فالتقرير) فيرجح الخبر الناقل، لقول النبي على الناقل لفعله والناقل لفعله على الناقل لتقريره، لأن القول أقوى في الدلالة على التشريع من الفعل لأن الفعل محتمل للتخصيص به صلى الله عليه وسلّم، وهو أقوى من التقرير لأنه وجودي محض، والتقرير محتمل لما لا يحتمله الفعل. (ويرجح الفصيح) على غيره لتطرق الخلل إلى غيره باحتمال أن يكون مرويا بالمعنى، (وكذا زائد الفصاحة) على الفصيح (في قول) مرجوح، لأنه صلى الله عليه وسلّم أفصح العرب فيبعد نطقه بغير الأفصح فيكون مرويا بالمعنى فيتطرق إليه الخلل، والأصح لا لأنه صلى الله عليه وسلّم ينطق بالأفصح والفصيح، لاسيما إذا خاطب به من لا يعرف غيره، وقد كان يخاطب العرب بلغاتهم. (و) يرجح (المشتمل على زيادة) على غيره (في الأصح) لما فيه من زيادة العلم، وقيل يرجح الأقل، وبه أخذ الحنفية لاتفاق الدليلين عليه كخبر التكبير في العيد سبعا مع خبر التكبير فيه أربعا رواهما أبو داود. والأولى منه عندهم للافتتاح وذكر الخلاف في هذه من زيادتي. (والوارد بلغة قريش) لأن الوارد بغيرها يحتمل أن يكون مرويا بالمعنى فيتطرق إليه الخلل. (والمدني) على المكي لتأخره عنه، والمدني ما ورد بعد الهجرة والمكي قبلها، وهذا أولى من القول بأن المدني ما نزل بالمدينة، والمكي ما نزل بمكة. (والمشعر بعلوّ شأن النبي صلى الله عليه وسلّم) لتأخره عما لم يشعر بذلك. (وما) ذكر (فيه الحكم مع العلة) على ما فيه الحكم فقط، لأن الأول أقوى في الاهتمام بالحكم من الثاني كخبر البخاري: «من بدّل دينه فاقتلوه» مع خبر الصحيحين: أنه صلى الله عليه وسلّم نهى عن قتل النساء والصبيان. نيط الحكم في الأول بوصف الردّة المناسب ولا وصف في الثاني، لحملنا النساء فيه على الحربيات.
(وما قدم فيه ذكرها عليه) أي ذكر العلة على الحكم على عكسه (في الأصح)، لأنه أدل على ارتباط الحكم بالعلة من عكسه، وقيل عكسه لأن الحكم إذا تقدم تطلب نفس السامع العلة، فإذا سمعتها ركنت ولم تطلب غيرها، والوصف إذا تقدم تطلب النفس الحكم فإذا سمعته قد تكتفي في علته بالوصف المتقدم إذا كان شديد المناسبة كما في: {والسارق} الآية. وقد لا تكتفي به بل تطلب علة غيره كما في: {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا} الآية. فيقال تعظيما للمعبود. (وما فيه تهديد أو تأكيد) على الخالي عن ذلك، فالأول كخبر البخاري عن عمار: «من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلّم». فيرجح على الأخبار المرغبة في صوم النفل والثاني كخبر أبي داود: «أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل» مع خبر مسلم: «الأيم أحق بنفسها من وليها». (والعام) عموما (مطلقا على) العام (ذي السبب إلا في السبب)، لأن الثاني باحتمال إرادة قصره على السبب كما قيل بذلك دون المطلق في القوّة إلا في صورة السبب فهو فيها أقوى لأنها قطعية الدخول على الأصح كما مر. (والعام الشرطيّ) كمن وما الشرطيتين (على النكرة المنفية في الأصح)، لإفادته التعليل دونها، وقيل العكس لبعد التخصيص فيها بقوّة عمومها دونه، ويؤخذ من ذلك ترجيح النكرة الواقعة في سياق الشرط على الواقعة في سياق النفي. (وهي على الباقي) من صيغ العموم كالمعرّف باللام أو الإضافة لأنها أقوى منه في العموم، لأنها تدل عليه بالوضع في الأصح كما مرّ، وهو إنما يدل عليه بالقرينة اتفاقا. (والجمع المعرّف) باللام أو الإضافة. (على من وما) غير الشرطيتين كالاستفهاميتين، لأنه أقوى منهما في العموم لامتناع أن يخص إلى الواحد دونهما على الأصح في كل منهما كما مرّ.
(وكلها) أي الجمع المعرف ومن وما (على الجنس المعرف) باللام أو الإضافة لاحتماله العهد بخلاف من وما فلا يحتملانه، وبخلاف الجمع المعرّف فيبعد احتماله له. (وما لم يخص) على ما خص لضعف الثاني بالخلاف في حجيته بخلاف الأول، ولأن الثاني مجاز، والأول حقيقة وهي مقدمة عليه قطعا. وقال الأصل كالصفيّ الهندي، وعندي عكسه لأن ما خص من العام هو الغالب والغالب أولى من غيره. (والأقل تخصيصا) على الأكثر تخصيصا لأن الضعف في الأقل دونه في الأكثر. (والاقتضاء فالإيماء فالإشارة)، لأن المدلول عليه بالأول مقصود يتوقف عليه الصدق أو الصحة، وبالثاني مقصود لا يتوقف عليه ذلك، وبالثالث غير مقصود كما علم ذلك من محله، فيكون كل منها أقوى دلالة مما بعده، وترجيح الثاني على الثالث من زيادتي. (ويرجحان) أي الإيماء والإشارة (على المفهومين) أي الموافقة والمخالفة، لأن دلالة الأولين في محل النطق بخلاف المفهومين، (وكذا الموافقة على المخالفة) في الأصح لضعف الثاني بالخلاف في حجيته بخلاف الأول، وقيل عكسه لأن الثاني يفيد تأسيسا بخلاف الأول، (و) كذا (الناقل عن الأصل) أي البراءة الأصلية على المقرر له في الأصح، لأن الأول فيه زيادة على الأصل بخلاف الثاني، وقيل عكسه بأن يقدّر تأخر المقرر للأصل ليفيد تأسيسا كما أفاده الناقل فيكون ناسخا له مثال ذلك خبر الترمذي: «مَنْ مسّ ذَكَرَهُ فليتوضأ» مع خبره أنه صلى الله عليه وسلّم سأله رجل مس ذكره أعليه وضوء قال: «لا إنما هو بضعة منك». (و) كذا (المثبت) على النافي (في الأصح)، لما مرّ، وقيل عكسه، وقيل هما سواء وقيل غير ذلك، (والخبر) المتضمن للتكليف على الإنشاء لأن الطلب به لتحقق وقوع معناه أقوى من الإنشاء، فإن اتفق الدليلان خبرا أو إنشاء (فالحظر) على الإيجاب لأنه لدفع المفسدة والإيجاب لجلب المصلحة والاعتناء بدفع المفسدة أشد، (فالإيجاب) على الكراهة للاحتياط، (فالكراهة) على الندب لدفع اللوم (فالندب) على الإباحة للاحتياط بالطلب (فالإباحة في الأصح في بعضها) وهو تقديم كل من الحظر والإيجاب والندب على الإباحة، وقيل العكس في الثلاث لاعتضاد الإباحة بالأصل، وقيل هما سواء في الأولى والقياس مجيئه في الباقيتين، ويحتمل خلافه، وذكر الخلاف في الثانية مع تقديم الإيجاب على الكراهة من زيادتي. (و) الخبر (المعقول معناه) على ما لم يعقل معناه لأن الأول أدعى للانقياد وأفيد بالقياس عليه. (وكذا نافي العقوبة) هو أعم من قوله ونافي الحد على الموجب لها في الأصح لما في الأول من اليسر وعدم الحرج الموافق لقوله تعالى: {يريد الله بكم اليسر}، {ما جعل عليكم في الدين من حرج} وقيل عكسه لإفادة الموجب التأسيس بخلاف النافي. (و) كذا الحكم (الوضعي) أي مثبته (على) مثبت (التكليفي في الأصح)، لأن الأول لا يتوقف على الفهم والتمكن من الفعل بخلاف الثاني وقيل عكسه لترتب الثواب على التكليفي دون الوضعي. (و) الدليل (الموافق دليلًا آخر) على ما لم يوافقه، لأن الظن في الموافق أقوى. (وكذا) الموافق (مرسلًا أو صحابيا أو أهل المدينة أو الأكثر) من العلماء على ما لم يوافق واحد مما ذكر (في الأصح) لذلك. وقيل لا يرجح بواحد من ذلك لأنه ليس بحجة، وقيل إنما يرجح بموافق الصحابي إن كان الصحابي قد ميزه نص فيما فيه الموافقة من أبواب الفقه كزيد في الفرائض، وقيل غير ذلك.
(ويرجح) كما قال الشافعي فيما إذا وافق كل من الدليلين صحابيا، وقد ميز النص أحد الصحابيين فيما ذكر. (موافق زيد في الفرائض فمعاذ) فيها (فعليّ) فيها (ومعاذ في أحكام غير الفرائض فعليّ) في تلك الأحكام، فالمتعارضان في مسألة في الفرائض يرجح منهما الموافق لزيد، فإن لم يكن له فيها قول فالموافق لمعاذ، فإن لم يكن له فيها قول فالموافق لعليّ، والمتعارضان في مسألة في غير الفرائض يرجح منهما الموافق لمعاذ، فإن لم يكن له فيها قول فالموافق لعليّ، وذلك لخبر: «أفرضكم زيد، وعلمكم بالحلال والحرام معاذ، وأقضاكم عليّ» فقوله أفرضكم زيد على عمومه. وقوله وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ يعني في غير الفرائض وكذا قوله وأقضاكم عليّ واللفظ في معاذ أصرح منه في علي فقدم عليه مطلقا. (والإجماع على النص) لأنه يؤمن فيه النسخ بخلاف النص. (وإجماع السابقين) على إجماع غيرهم فيرجح إجماع الصحابة على إجماع من بعدهم من التابعين وغيرهم، وإجماع التابعين على إجماع من بعدهم، وهكذا لشرف السابقين لقربهم من النبي صلى الله عليه وسلّم ولخبر: «خير القرون قرني ثم الذين يلونهم». وتعبيري كالبرماوي بالسابقين أعم من تعبير الأصل بالصحابة. (وإجماع الكل) الشامل للعوام (على ما خالف فيه العوام)، لضعف الثاني بالخلاف في حجيته على ما حكاه الآمدي. (و) الإجماع (المنقرض عصره على غيره) لضعف الثاني بالخلاف في حجتيه. (وكذا ما) أي الإجماع الذي (لم يسبق بخلاف) على غيره (في الأصح) لذلك، وقيل عكسه لزيادة اطلاع المجمعين في الثاني على المآخذ، وقيل هما سواء. (والأصح تساوي المتواترين من كتاب وسنة). وقيل يرجح الكتاب عليها لأنه أشرف منها، وقيل ترجح السنة عليه لقوله تعالى: {لتبين للناس ما نزل إليهم} أما المتواتران من السنة فمتساويان قطعا كالآيتين. (ويرجح القياس) على قياس آخر (بقوّة دليل حكم الأصل)، كأن يدل في أحد القياسين بالمنطوق، وفي الآخر بالمفهوم، أو يكون في أحدهما قطعيا، وفي الآخر ظنيا لقوة الظن بقوة الدليل. (وكونه) أي القياس (على سنن القياس أي فرعه من جنس أصله) فيرجح على قياس ليس كذلك، لأن الجنس بالجنس أشبه فقياسنا ما دون أرش الموضحة على أرشها حتى تحمله العاقلة مقدم على قياس الحنفية له على غرامات الأموال حتى لا تتحمله. (وكذا) ترجح علة (ذات أصلين) مثلًا بأن عللا بها. (على ذات أصل) في الأصح، وقيل لا كالخلاف في الترجيح بكثرة الأدلة مثاله وجوب الضمان بيد المستام عللناه بأنه أخذ العين لغرضه بلا استحقاق، كما علل به وجوب الضمان بيد الغاصب ويد المستعير، وعلله الحنفية بأنه أخذها ليتملكها ولم يعلل به نظير ذلك. (و) كذا ترجح علة (ذاتية) للمحل كالطعم والإسكار. (علي) علة (حكمية)، كالحرمة والنجاسة في الأصح، لأن الذاتية ألزم، وقيل عكسه لأن الحكم بالحكم أشبه. (و) كذا (كونها أقل أوصافا في الأصح)، لأن القليلة أسلم وقيل عكسه لأن الكثيرة أكثر شبها. (و) ترجح (المقتضية احتياطا في فرض)، لأنها أنسب به مما لا تقتضيه، وذكر الفرض لأنه محل الاحتياط، إذ لا يحتاط في الندب وإن احتيط به كما مرّ، هذا مع أن الاحتياط قد يجري في غير الفرض، كما إذا شك هل غسل وجهه في الوضوء ثلاثا أو اثنتين فإنه يسنّ له غسلة أخرى وإن احتمل كونها رابعة احتياطا. (وعامة الأصل) بأن يوجد في جميع جزئياته، لأنها أكثر فائدة مما لا يعم كالطعم الذي هو علة عندنا في باب الربا، فإنه موجود في البر مثلًا قليله وكثيره، بخلاف القوت الذي هو علة عند الحنفية فلا يوجد في قليله، فجوزوا بيع الحفنة منه بالحفنتين. (و) ترجح العلة (المتفق على تعليل أصلها) المأخوذة منه لضعف مقابلها بالخلاف فيه. (و) العلة (الموافقة لأصول) شرعية (على الموافقة لواحد)، لأن الأولى أقوى بكثرة ما يشهد لها. (وكذا) ترجح العلة (الموافقة لعلة أخرى) في الأصح، وقيل لا كالخلاف في الترجيح بكثرة الأدلة والترجيح من زيادتي (وما) أي وكذا القياس الذي (ثبتت علته بإجماع فنص قطعيين فظنيين) أي بإجماع قطعي فنص قطعي فإجماع ظني فنص ظني (في الأصح)، لأن النص يقبل النسخ بخلاف الإجماع وقيل عكسه، لأن النص أصل للإجماع لأن حجيته إنما ثبتت به. (فإيماء فسبر فمناسبة فشبه فدوران وقيل دوران فمناسبة)، وما قبلها وما بعدها كما مر، فكل من المعطوفات دون ما قبله، ورجحان كل من الإيماء، والمناسبة على ما يليه ظاهر من تعاريفها السابقة، ورجحان السير على المناسبة بما فيه من إبطال ما لا يصلح للعلية والشبه على الدوران بقربه من المناسبة، ومن رجح الدوران عليها قال لأنه يفيد اطراد العلة وانعكاسها بخلاف المناسبة، ورجحان الدوران أو الشبه على بقية المسالك يؤخذ من تعاريفها، وما ذكر هنا يغني عما صرح به الأصل من الترجيح بالقطع بالعلة أو الظن الأغلب، ويكون مسلكها أقوى (و) يرجح (قياس المعنى على) قياس (الدلالة) لاشتمال الأول على المعنى المناسب، والثاني على لازمه أو أثره أو حكمه كما علم ذلك في مبحث الطرد، وفي خاتمة القياس. (وكذا) يرجح (غير المركب عليه) أي على المركب (في الأصح إن قبل) أي المركب لضعفه بالخلاف في قبوله المذكور في مبحث حكم الأصل، وقيل عكسه لقوة المركب باتفاق الخصمين على حكم الأصل فيه. (و) يرجح (الوصف الحقيقي فالعرفي فالشرعي) لأن الحقيقي لا يتوقف على شيء بخلاف العرفي والعرفي متفق عليه بخلاف الشرعي كما مر. (الوجودي) مما ذكر. (فالعدمي قطعا البسيط) منه (فالمركب في الأصح) لضعف العدمي والمركب بالخلاف فيهما، وقيل المركب فالبسيط، وقيل هما سواء وذكر الخلاف من زيادتي.
(والباعثة على الأمارة) لظهور مناسبة الباعثة و(المطردة المنعكسة) على المطردة فقط لضعف الثانية بالخلاف فيها. (فالمطردة) فقط (على المنعكسة) فقط، لأن ضعف الثانية بعدم الاطراد أشدّ من ضعف الأولى بعدم الانعكاس. (وكذا) ترجح (المتعدية) على القاصرة في الأصح لأنها أفيد بالإلحاق بها، وقيل عكسه، لأن الخطأ في القاصرة أقل، وقيل هما سواء لتساويهما فيما ينفردان به من الإلحاق في المتعدية وعدمه في القاصرة. (و) كذا يرجح (الأكثر فروعا) من المتعديتين على الأقل فروعا (في الأصح). وقيل عكسه كما في المتعدية والقاصرة ولا يأتي التساوي هنا لانتفاء علته، والترجيح في المسألتين من زيادتي. (و) يرجح (من الحدود السمعية) أي الشرعية (الأعرف على الأخفى) منها، لأن الأول أفضى إلى مقصود التعريف من الثاني. (والذاتي على العرضي)، لأن التعريف بالأول يفيد كنه الحقيقة بخلاف الثاني. (والصريح) من اللفظ على غيره بتجوّز أو اشتراك لتطرق الخلل إلى التعريف بالثاني. (وكذا) يرجح (الأَعم) على الأخصّ مطلقا (في الأصح)، لأن التعريف بالأعم أفيد لكثرة المسمى فيه، وقيل عكسه أخذا بالمحقق في المحدود، وذكر لخلاف من زيادتي، أما الأعم والأخص من وجه فالظاهر فيهما التساوي. (و) يرجح (موافق نقل السمع واللغة)، لأن التعريف بما يخالفهما إنما يكون لنق عنهما والأصل عدمه. (و) يرجح (ما) أي الحد الذي (طريق اكتسابه أرجح) من طريق اكتساب حدّ آخر، لأن الظن بصحته أقوى منه بصحة الآخر، إذ الحدود السمعية مأخوذة من النقل وطرق النقل تقبل القوّة والضعف. (والمرجحات لا تنحصر) فيما ذكر هنا (ومثارها غلبة الظنّ) أي قوّته وسبق كثير منها منه تقديم بعض مفاهيم المخالفة على بعض وبعض ما يخل بالفهم على بعض كالمجاز على الاشتراك، وتقديم المعنى الشرعي على العرفي، والعرفي على اللغوي في خطاب الشارع، ومن غيره أرجحية ما يرجح به من التقديم بالتزكية بالحكم بشهادة الراوي على التزكية بالعمل بروايته، وتقديم من علم أنه عمل برواية نفسه على من علم أنه لم يعمل أو لم يعلم أنه عمل.